الإثنين, يوليو 28, 2025
الإثنين, يوليو 28, 2025
ساهم

سياسة

لبنان آخر؟

في الذكرى العشرين لاغتيال رفيق الحريري دُعي علي أومليل لإلقاء محاضرة ببيروت عن الدلالة الخاصة لإحياء هذه الذكرى هذه السنة بالذات. فقد سقط نظام...

القوة القادمة ..

  زُرعت إسرائيل استعمارًا استيطانيًا في فلسطين، وتم بالإرهاب تهجير مئات الآلاف من سكانها، وتقتيل عدد كبير منهم في مجازر حفرت اسمها في تاريخ المنطقة (بحسب...

عام على “طوفان الأقصى”: عن الحياة وسط المذابح والقصف والجوع في غزة

صباح سبت كان يٌفترض أن يكون عاديا جدا بمقاييس قطاع غزة، لكن أصوات القنابل والانفجارات كانت قريبة ومدوية على نحو غير عادي لتفزعني من نومي متخيلة أنني في كابوس، فخرجت إلى أهلي أصرخ "القيامة قامت". جريت إلى الشارع، نظرت إلى السماء، كانت مليئة برشقات صواريخ تطير فوق رأسي، وتكبيرات تنطلق من المساجد وصراخ مواطنين مفزوعين يصم الآفاق، فعدت مسرعة إلى داخل المنزل خوفا من شظايا المقذوفات. في المنزل، فتحت هاتفي لأعرف ما الذي يحدث، هل هو اغتيال قيادي بارز من حماس أو الجهاد الإسلامي، أم أن إسرائيل أعلنت الحرب علينا؟  في تلك الساعات كان كل شيء لا يزال ضبابيا، وكثرت التساؤلات لدى أهالي غزة، حتى أطل علينا قيادي حماس "محمد الضيف" ليعلن بدء عملية "طوفان الأقصى". عرفنا أن عناصر المقاومة اقتحموا الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة تحت غطاء من رشقات صاروخية مكثفة، وقتلوا وأسروا أكثر من 1400 إسرائيلي، حتى ظن أهل القطاع أن الهجوم بداية لتحرير أرض فلسطين. عدد كبير من سكان القطاع توجهوا إلى غلاف غزة والتقطوا صورا لهم على الدبابات الإسرائيلية ولم يعتقلوا إسرائيليين أو يقتلوهم، لم يقوموا بأي شيء، لكن ما حدث ذلك اليوم كان مبرر إسرائيل لقتل عشرات الآلاف من المدنيين.  بعد ذلك اليوم أُصبت بصدمة نفسية، وامتنعت عن الطعام إلا القليل الذي يبقيني على قيد الحياة ولمدة أسبوع، أدركت بعدها أن حياتنا في قطاع غزة قد انتهت.  توقعات وانتظار الرد الإسرائيلي على العملية كان بالنسبة لنا نوعا من العذاب، بقينا لساعات نتخيل ما سيحدث، كنا نقول لأنفسنا "حسرة راح يمسحونا من الوجود". لم يتأخر الرد الإسرائيلي كثيرا، فبعد ساعات، بدأت الطائرات الحربية تقصف أحياء ومربعات سكنية بشكل كلي، كانت الضربات الجوية عبارة عن أحزمة نارية، وهي عبارة عن سلسلة صواريخ تحمل أطناناً من المتفجرات تُلقى في وقت واحد وعلى منطقة واحدة مخلفةً دماراً كبيراً وموقعةً آلاف الشهداء والجرحى. في الشهور الأولى من الحرب على غزة، كنا نسجل يومياً أكثر من 1000 شهيد ومئات الجرحى. مع تكثيف الضربات العسكرية بدأ الاحتلال تطبيق العقاب الجماعي الكامل على سكان القطاع في كل ما يتعلق بأساسيات الحياة اليومية، فقطع عنا جميع الخدمات، ماء وكهرباء واتصالات وانترنت، وفرض علينا حصاراً كلياً، ومنع إدخال الطعام والدواء بعد إغلاق كامل للمعابر. واستمر هذا الحال في القصف الجوي المكثف والتدمير العشوائي للمباني وقتل المدنيين، لما يقارب ثلاثة أسابيع، كنا نأمل خلالها أن يكتفي بهذا القدر من القتل والدمار، لنتفاجأ بعد ذلك بمكالمات هاتفية ورسائل نصية تصل لهواتفنا الخلوية من أرقام تظهر على شاشة هواتفنا باسم "جيش الدفاع الإسرائيلي"، رغم أن الاتصالات كانت في تلك الفترة مقطوعة بالكامل، كما قاموا بإلقاء منشورات ورقية من الطائرات طالبونا فيها بإخلاء شمال قطاع غزة والتوجه إلى وسط وجنوب القطاع بدعوى الحفاظ على أرواحنا لأنها مناطق آمنة. هرع الناس عبر شارع صلاح الدين الممتد من اقصى شمال حتى اقصى جنوب القطاع، متجهين إلى الجنوب بناء على خديعة الجيش الإسرائيلي لهم وإيهامهم بانها مناطق آمنة، ونزح ما يقارب مليون شخص، لكن سرعان ما قام الجيش الإسرائيلي بعمليات عسكرية جوية وبرية فيها، لا تقل شدة عما فعلوه في شمال القطاع، وأصبحت غزة كلها مناطق قتال ولا مكاناً آمناً فيه. وفي فجر السابع والعشرين من أكتوبر استيقظنا على اصوات تحرك للآليات الإسرائيلية وأصوات قذائفها المدفعية قادمة من شواطئ زيكيم في بحر شمال القطاع إلى داخل القطاع، وأعلن الجيش الإسرائيلي حينها بدء التوغل البري. بدأت الدبابات تتقدم وقبيل كل مكان تصل إليه تقوم الطائرات الإسرائيلية بنسف وتدمير كافة المباني السكنية خشية وجود مقاومين فيها إضافة لهدف الاحتلال الإسرائيلي الاساسي بتدمير القطاع وتدمير البنية التحتية فيه. ازدادت تحذيرات الجيش لسكان الشمال بالإخلاء وازدادت استجابة المواطنين لأوامر النزوح حتى وصل عدد النازحين إلى مليون ونصف. مع توغل الآليات داخل مدن شمال القطاع دارت اشتباكات عنيفة بين المقاومة والجيش الإسرائيلي وصارت طائرات الاباتشي و"الكواد كابتر" والمدافع تطلق نيرانها علينا بشكل مكثف وعشوائي، حيث وقعت خلال تلك الفترة مئات المجازر راح ضحيتها آلاف الشهداء والجرحى، من بينها مجزرة في مربعنا واستشهد وأُصيب فيها العشرات من جيراني وأقاربي وجميعهم مدنيون ولا علاقة لهم باي نشاط عسكري. كانت فترة صعبة جداً، كنا نموت في الدقيقة ألف مرة من شدة الرعب والخوف الذي عشناه، ولم نستطع خلالها الخروج من بيوتنا او حتى الوقوف على شبابيك منازلنا لأن الجيش كان يتعامل مع كل جسم متحرك على أنه مقاوم ويطلق عليه النار مباشرة، إضافة لطائرات "الكواد كابتر" التي كانت تتواجد بكثافة، ولصغر حجمها قادرة على دخول المنازل، او التحليق على الشبابيك لتصوير من في داخل المنزل في انتهاك لخصوصيتنا بدعوى البحث عن الرهائن. كان شمال غزة هو الهدف الرئيسي للجيش الإسرائيلي في تلك الفترة، فالحصار المفروض علينا كان يهدف لإجبارنا بالقوة على النزوح وترحيل من تبقى منا، وهو وما يسعى له الاحتلال منذ نكبة عام 1948. كان إطلاق قنابل الدخان علينا أمر يومي، كانت غازاتها والدخان المنبعث منها تسبب لي الاختناق، إضافة لمنع إدخال الطعام والوقود اللازم لتشغيل الآبار ومحطات تحلية المياه وشبكات الصرف الصحي، حتى أصبحنا نعيش وسط مستنقعات من مياه الصرف الصحي ونشرب مياها ملوثة، ونأكل أعلاف الحيوانات وأعشاب الأرض بسبب المجاعة التي عشناها لعدة شهور، إضافة لاجتياح وتدمير غالبية مستشفيات الشمال، حيث كان من يصاب يموت وهو ينزف لا يجد علاجا او حتى سيارة إسعاف توصله لما تبقى من مستشفيات او نقاط طبية تعمل في تلك الفترة. ألح العديد من اقربائي وزملائي علينا للنزوح بسرعة من الشمال بسبب خطورة الوضع، لكن كنت أرفض بشدة أن نغادر بيتنا، ولأقطع الطريق على أي تردد، قررت عدم الرد على اتصالاتهم، وقمت أيضاً بحظر الارقام التي كان الجيش الإسرائيلي يهاتفني منها للمطالبة بالإخلاء، حتى اهلي وعائلتي فكروا وأوشكوا على اتخاذ قرارهم بالنزوح للجنوب، لكنني وقفت في وجههم ومنعتهم من منطلق إدراكي بعدم وجود منطقة آمنة في جميع انحاء القطاع، وان ما يحدث في شماله سيمتد إلى ما تبقى منه بعد ذلك، وهذا بالفعل ما حدث.  استمرت المجاعة حتى بدأت بعض الدول العربية والاوروبية واميركا بعد احتجاجات دولية بإلقاء مساعدات غذائية عبر الطائرات، كنت أتوجه يومياً لشاطئ البحر في الأماكن التي تلقي فيها الطائرات أكياس المساعدات لأزاحم الرجال على أمل الحصول على علبة حمص او فول أتناولها مع عائلتي على وجبة السحور او الإفطار في شهر رمضان، إضافة لإدخال شاحنات قليلة من الدقيق عبر مفترق النابلسي والكويت بالقرب من وسط القطاع. لم تكن نيران الجيش الإسرائيلي فقط هي التي تقتل أهل غزة في تلك الفترة بعد أن أٌضيف إليها سبب آخر للموت هو تزاحم الجوعى من اجل الحصول على كيس دقيق. في إحدى تلك الليالي، وبينما كانت آليات الجيش الإسرائيلي تتقدم متزامنة مع قصف جوي ومدفعي وبحري عنيف، واشتباكات مع المقاومة، وانقطاع تام للاتصالات، صرخت زوجة اخي التي جاءتها آلام الطلق مؤذنة بمولد طفلتها، وانتابنا جميعا الارتباك وكأننا لم نتحسب لأمر محتوم كهذا. لم يكن بوسع أحد الخروج  وسط نيران القصف، وكانت خطوط الاتصالات مقطوعة، لم نستطع الاتصال بالإسعاف، ولم نعرف ماذا نفعل. قلت لها هل بإمكانك تأجيل الولادة حتى الصبح؟، صرخت وقالت لي: "قاعدة بموت". اضطر أخي للخروج من المنزل وخرجت معه بحثا عن أحد يسعفنا، فوجدنا شبانا كانوا يسيرون ليلاً لضبط الأمن في المنطقة، وطلبنا منهم سيارة تنقلها للمستشفى وبالفعل نقلوها ونحن على يقين بأننا لن ننجو من الموت المحدق في كل مكان. لم تعاقب إسرائيل في حربها حركة "حماس" التي قادت هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول بقرار أحادي دون مشورة أحد، او معرفة سكان القطاع، وهو هجوم بلا أدني شك لو تم اطلاعنا عليه قبل القيام به لرفضناه لأننا ندرك تماماً العواقب التي ستؤول إليه، لكن إسرائيل تعاملت معنا جميعاً في القطاع على اننا منتمين لحماس او مؤيدين لها وعاقبتنا بوحشية وإجرام وقتل بلا هوادة دون تمييز بين طفل، أو شاب، او إمراه، او مسن، واوقعت ما يقارب 100 ألف شهيد. أما إحصائية وزارة الصحة بغزة فيما يتعلق بأعداد الشهداء فهي غير دقيقة، لان هناك عشرات الآلاف من الشهداء لم تسجلهم الصحة، لأن منهم من ذابت أو تبخرت جثته بفعل السلاح الذي تستخدمه إسرائيل في قتلنا، ومنهم من تحللت أجسادهم دون استطاعة طواقم الإسعاف والدفاع المدني أو حتى المواطنين انتشالها بسبب خطورة الاوضاع، ومنهم من قُتل ونهشت الكلاب الضالة والقطط أجسادهم.  لم يكن مشهد الشهداء والأشلاء والدماء والثكلى والأيتام والأرامل مشهد عادياً في حياتي من قبل، لقد كنت اصرخ إذا شاهدت نقطة دم، أما الآن فقد أصبحت تلك المشاهد مألوفة بالنسبة لي لكثرة مشاهدتها، فهنا أرى يداً وهناك أرى قدماً، وهناك جثة ملقاة على الأرض لا تجد من يدفنها. هذه المشاهد تذكرني بتصريحات وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت في بداية الحرب عندما وصفنا ب "الحيوانات البشرية"، كنت عند رؤية مشاهد القتلى والاشلاء أشعر أن إسرائيل أرادت بالفعل أن تجعلنا "حيوانات بشرية" بعد أن جردتنا من قدرة الفعل على التعامل مع هذه المشاهد والجمود أمامها وهو أمر لم نعرفه قبل الحرب.  بعد شهور من الأحزمة النارية والقصف والجوع، لم تعد مشاعر الخوف تعد تسيطر عليَّ، فقد كنت أخرج من بيتي لإيصال الطعام لأهلي عندما نزحوا إلى مكان آخر خلال اجتياح مدينة جباليا التي بقيت فيها حتى أواخر ديسمبر/كانون الأول حتى مطلع يناير/كانون الثاني الماضي، وشظايا المدافع تتطاير من فوق راسي وتسقط على الأرض أمام عيني وطائرات "الكواد كابتر" تطلق نيرانها بشكل عشوائي في شارعنا وعلى باب بيتنا، وقصف الطائرات الحربية العنيف. تجردت في تلك الفترة من مشاعر المبالاة والخوف والقلق، بل بالعكس، كنت أتمنى ان تصيبني قذيفة أو طلق ناري ينهي حياتي للأبد لأن الموت أصبح أملي الوحيد انا وآلاف غيري من أهالي القطاع في تلك الفترة.  لم تعد لديَّ آمال أو أحلام او تطلعات للمستقبل، فمنذ السابع من أكتوبر انتهت الحياة من وجهة نظري وانتهت معها آمالي واحلامي. أمارس حياتي الآن بشكل روتيني لا يمت لحياتي قبل ذلك التاريخ بأي صلة وكل ما أفكر به الآن فقط هو هل سأعيش؟ وإلى متى؟ ام سأتحول في أي لحظة إلى رقم بين الارقام التي تسجلها وزارة الصحة بغزة لأعداد الشهداء؟ رغم عمري القصير، فقد عايشت عدة حروب في القطاع قبل هذه الحرب، وفي كل مرة كنت أخرج بسلام لأخطط للمرحلة المقبلة من حياتي وأبدا من جديد، لكن لدي شعورا أنني لن أخرج من هذه الحرب، وإن خرجت منها فلم يعد أمامنا مستقبل نعيشه ونخطط له. أعيش الآن في بقعة جغرافية انعدمت فيها كل مقومات الحياة، وحتى لو انتهت الحرب سنحتاج لسنوات طويلة كي تعود غزة لما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر، ولعلنا فقدنا فيها اهم ما يمكن ان ينعم به الإنسان في حياته وهو "الامان". أمضيت 17 عاماً من عمري بين حروب وتصعيدات، لم يعد لديَّ أي طموح شخصي أو هدف في حياتي أحلم بأن أحققه. فالحرب قتلت العلماء، ودمرت المنشآت، وحصدت كل ما هو أخضر، وحطمت كل ما هو جميل. جاءت الحرب فدمرت كل أهدافنا وأحلامنا بين ليلة وضحاها ولا تزال.  بعد عامٍ من الحرب، وسنوات أخرى من حروب سبقتها، لا يمكنني أن أخطط لشيء داخل قطاع غزة، لأنني على يقين تام أن كل ما سأقوم به وأبنيه ستأتي حرب جديدة وتهدمه، لذلك أتمنى الآن أن أبدأ حياة جديدة، أحقق فيها طموحاتي وأهدافي، لكن! خارج قطاع غزة. كل ما أتمناه الآن ان أجد بلداً آمناً بعيدا أعيش فيه، لربما أنجح في تحقيق إنجاز ما أو هدف ما فيما تبقى لي من العمر. في السابع من أكتوبر، أتذكر أن ما بدأ كصدمة استمر لمدة 365 يوما تحت القصف والجوع والنار والمذابح، لا يزال مستمرا، والعالم يشاهد وكأن ما يحدث لنا تسلية صباحية أو مسائية عابرة في نشرات الأخبار.  ورغم أننا لسنا بخير، لكننا صامدون، ولو سألنا أحد كيف حالنا؟ سنقول: بخير، لكننا في الحقيقة لسنا بخير. 

حسابات “النصر” و”الهزيمة” في اتفاق غزة

اشتبك كثيرون، فور الإعلان عن وقف إطلاق النار وبدء هدنة جديدة بين إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة، حول الإجابة على سؤال: من...

غاري لينكر، النجم الذي أغضب إسرائيل فتخلت عنه بي بي سي

لم يتلق غاري لينيكر طوال مسيرته  الاحترافية في ملاعب كرة القدم بطاقة جزاء واحدة، صفراء أو حمراء، طوال مسيرته الكروية التي امتدت 16 عامًا...

التكنولوجيا الفائقة والعيش على حافة الفوضى

في ظهيرة هادئة، وبدون سابق إنذار، غرقت اثنتان من أكثر المجتمعات الأوروبية تقدماً في الظلام. لم يكن انقطاع الكهرباء الذي اجتاح إسبانيا والبرتغال مجرد...

ترامب: حين تتجسد ثقافة “التفاهة” في شخص الرئيس

ثقافة "الحشو" الأمريكية تمظهرت في برامج تليفزيون الواقع في التسعينيات في تسعينيات القرن الماضي، كان ملايين الأمريكيين يجتمعون يوميًا أمام شاشات التليفزيون لمشاهدة برنامج "ذا...